لا يدرك الإنسان أهمية الشيء إلا بعد الحصول عليه، ومع بداية كلّ نهارٍ جديد تنفذ أشعة الشمس من شبابيك الفرح لتحتضن فكرة علم حديثة جاءت بالكثير من الآمال المعلقة التي كادت أن تنفد من قلوب الكثير من الأشخاص.
حنان أبو منهل مصاروة، شابة من أم الفحم متزوجة لقرية عرعرة وتقيم وعائلتها في بريطانيا. استهلت التعليم الأكاديمي بعد المرحلة الثانوية حيث بدأت اللقب الأوّل بتعلم موضوع الصيدلة وعلوم الأدوية ضمن مسار المتميزين المباشر للقب الثاني في الجامعة العبرية في القدس. وعليه كانت الطالبة العربية الوحيدة في هذا المسار.
د. حنان أبو منهل مصاروة
اللقبان الثاني والثالث، والهدف من الوصول إلى درجة البحث العلمي:
تقول حنان: "أكملت التعليم للقب الثاني في مجال "تحسين امتصاص الأدوية عن طريق الجلد"، وبعد الانتهاء بدرجة تميّز انتقلت إلى المعهد التطبيقي التخنيون للبدء في اللقب الثالث في مجال النانو تكنولوجيا وعلاج السرطان في كلية هندسة الكيمياء، وخلال سنوات التعليم للقب الثالث استطعت نشر العديد من البحوث في مجالات علمية متنوعة، بالإضافة إلى ذلك مشاركتي في بعض المؤتمرات العالمية. ومحبتي لمجال علوم الأدوية جعلني سعيدة من اتخاذ خطوات كهذه، إذ إنه موضوع يجمع بين الكثير من العلوم في آن واحد، مثل الكيمياء وعلوم الأمراض، الطب وغيرها".
العزم على اكمال البوست دكتوراه، والإقامة في الخارج:
بعد اتمام اللقب الثالث أزمعت على استكمال الدراسة ما بعد الدكتوراه وما تسمى أيضًا (بوست دكتوراه)، حيث انتقلت إلى جامعة مانشستر في المملكة المتحدة وشرعت بالانخراط في مجال استخدام تكنولوجيا النانو من أجل تحليل مركبات الدم، والكشف عن مؤشرات للأمراض، بالإضافة إلى متابعة نجاعة علاجات السرطان عن طريق فحوصات الدم من مرضى السرطان. وهذا الهدف الذي سعيت من أجله، ومن خلال بحثي أبتغي أن تكون لي بصمة خلّاقة وفريدة في مجال العلوم الذي يحسن من جودة العلاجات الطبية، كما أطمح أن يكون لي الدور الفاعل في زيادة الوعي المجتمعي حول البحث العلمي في حياتنا، وأن نأخذ المنحى المهم في الكشف عن العلوم وليس فقط استخدامها. ولهذا أتوق بأن أصبح مرجعًا للطالب العربي في المسارات الأكاديمية وتحديدًا في الدراسات العليا.
ما بين التحديات والصعوبات، ورسالة دعم واحتواء...
يتطلب مجال البحث العلمي الكثير من الوقت والالتزام والتعليم المستمر أيضًا، زد على ذلك التوفيق بين الانخراط في محاور عدة منها الموجه الأكاديمي، زملاء البحث، وبناء مستمر علاقات بحثية سواء كانت محلية أو عالمية. بالمقابل تحديات الأمومة، والسفر لخارج البلاد في مرحلة معينة من أجل استكمال البحوث، وعليه إن البوست دكتوراه هي مرحلة ضرورية للباحث حتى ينكشف على البحوث خارج الدولة، ويعود بتقنيات جديدة لأن الجامعات تلزم الباحثين في اتخاذ هذه الخطوة من أجل الالتحاق مستقبلًا كباحثين فيها. وهذا الشيء ليس بسيطًا بوجود زوج وأطفال، وبالتالي من الصعب جدًا التقدم في هذا المجال من غير وجود عائلة داعمة.
فالبحث العلمي يحمل رسالة إنسانية من الدرجة الأولى، ومحوره الأساسي السعي لحل مشاكل وتحديات تواجه الفرد. والعزم على اكمال هذا المنحى هو تحدٍ كبير يتطلب جهود جمّة، لكن جميعها تتلاشى بوجود بيئة داعمة ونفس تطمح لكسب المزيد من العلم.